القدس عاصمة فلسطين
القدس، بحكم القرارات الدولية ذات الصلة، بما فيها على وجه الخصوص قرارات مجلس الأمن، تقع في صلب قضايا الوضع النهائي، وهو ما يقتضي الحفاظ على مركزها القانوني، والإحجام عن كل ما من شأنه المساس بوضعها السياسي القائم.
تعيش منطقة الشرق الأوسط على وقع أزمات عميقة وتوترات متواصلة، ومخاطر عديدة، تقتضي تفادي كل ما من شأنه تأجيج مشاعر الغبن والإحباط التي تغذي التطرف والإرهاب، والمساس بالاستقرار الهش في المنطقة، وإضعاف الأمل في مفاوضات مجدية لتحقيق رؤية المجتمع الدولي حول حل الدولتين (1).
القدس قضية تحتاج الى مرافعة قانونية محكمة جدا، على مستوى التكييف، على مستوى الصفة والمصلحة، ومن صاحب القضية، على مستوى الدفوع المتقدم بها، القضية قضية عقيدة، وصاحب القضية كل واحد منا، والمطالبة بجزء من فلسطين خيانة والحل ان المرافعة والمطالبة بالحقوق امام الهيئات والمحاكم الدولية، لن يجدي نتيجة، الكل متواطئ، وليس هناك قضاء مستقل، فهم الخصم والحكم، فمن سينصفنا في هاته الحالة لم يبق الا ان يأخذ المظلوم حقه بنفسه من ظالمه (2).
م ب
-------
1- رئيس لجنة القدس
2- صبحي صالح
إخواني واخواتي: بين وعد بلفور Balfour وبين قرار ترامب Trump مائة سنة بالضبط وزادت شهراً واحداً، ولكن قبل الوعدين كليهما هناك وعد الله تبارك وتعالى، فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ ۩، وقد بدأ هذا الوجه المُحتَل يسوء ويتجهَّم حول العالم، لأن المُجتمَع الدولي برمته كما تُلاحِظون وتُراقِبون – بفضل الله تبارك وتعالى – وقف ضد هذه المظلمة الجديدة، التي تنكَّرت لكل الشرع الدولية، لكل القوانين الدولية، لكل المواثيق، وحتى للحد الأدنى من حس العدالة لدى بني الإنسان. ما حصل – إخواني وأخواتي – بكل اختصار هو أن قرار التقسيم المعروف طبعاً سنة سبع وأربعين – ألف وتسعمائة وسبع وأربعين – قضى بقيام دولتين، دولة عبرية يهودية ودولة عربية فلسطينية، ولكن قرار التقسيم – وهذا مُهِم جداً أن نُؤكِّد عليه – جعل القدس – ولم يكن هناك قدس شرقية وقدس غربية، القدس قدس، جعل القدس كلها برُمتها – ذات وضع خاص، بحيث تكون مفتوحة أمام البشر جميعاً، خاصة أمام أتباع الديانات السماوية الثلاثة كما يُقال. فالقدس وفق قرار التقسيم لم تكن من نصيب الدولة العبرية أو الدولة اليهودية، هذا مُهِم جداً! لكن ما حصل أنه عند نكبتنا في الثمانية وأربعين احتل الصهاينة زُهاء ثماني وسبعين في المائة من أرض فلسطين التاريخية، واحتلوا معها الجُزء الغربي من القدس، انتبهوا تماماً، لأننا مُضلَّلون للأسف الشديد، وإعلامنا – ما شاء الله – مُقصِّر حتى النهاية، مُقصِّر حتى الثمالة، الناس تسمع بالقدس الشرقية والقدس الغربية، وكأن القدس الغربية أتوا بها من المهجر وبنوها هناك، القدس الغربية هي جُزء من القدس، المدينة المُقدَّسة التاريخية، التي يزيد عمرها على ستة آلاف سنة، لتكون بذلك إحدى أقدم المدن المأهولة عبر التاريخ وحول العالم، هذه هي القدس! وإذا كان عمر هؤلاء العبرانيين فيها كما يحتفلون هم قبل سنوات ثلاثة آلاف سنة فإن أصولها وجذورها العربية تنما بها إلى ستة آلاف سنة على الأقل أو سبعة آلاف سنة على الأكثر، لقد بناها أصحابها العرب – الكنعانيون – في الألفية الخامسة أو الرابعة قبل الميلاد، أما أول عهد هؤلاء بها كمدينة فقد كان مع داود – مملكة داود – في الألفية الأخيرة قبل الميلاد، أين هذا؟ معروف القدس لمَن تاريخياً، الآن هم يتسلَّحون بمنطق ديني، والعجيب أنهم يعظوننا بكتابنا، هذا عبث، هذه مسخرة، هذه وقاحة، هذا شيئ يتجاوز الوقاحة، أنكم تتنكَّرون الآن لكل الشرع الدولية ولكل القوانين الدولية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المُتحِدة، عن مجلس الأمن، وعن غير ذلك، والآن تبدأون ترطنون رطانات دينية، أيضاً كفتكم ليست ماتعة، ليس معكم شُبهة دليل، فضلاً عن أن يكون معكم وجه دليل، الأمر واضح جداً! على كل حال فاحتلوا الجُزء الغربي منها في الثمانية وأربعين، في التسعة وأربعين أعلنوا هذا الجُزء – ما يُسمى الآن بالقدس الغربية – عاصمةً لهم، عارض المُجتمَع الدولي، بما في ذلك – وهذا مُهِم جداً، يا ليت ترامب Trump يعلم هذا! لا ندري هل يعلم أو لا يعلم، الرجل مشغول بصفقاته التجارية طبعاً وتجميع الأموال وانتهاب الأموال من الشرق والغرب – الولايات المُتحِدة الأمريكية، قالت لا يجوز لإسرائيل أن تُعلِن غربي القدس عاصمةً لها، لماذا لا يجوز والجماعة أقوياء والعرب ضعفاء؟ قالوا لأن هذا يُعتبَر انتهاكاً للقانون الدولي، القانون الدولي يحظر ويُحرِّم ويُجرِّم، ليس أخذ الأقاليم بالقوة، بل التهديد باستعمال القوة لضم أقاليم، ممنوع! هذه جريمة أن تُهدِّد أنني يُمكِن أن أفعل هذا، ممنوع! فكيف تفعل ذلك ثم تُعلِنه عاصمة؟ طبعاً مبنى الكنيست Knesset أو البرلمان الإسرائيلي في القدس الغربية، متحف إسرائيل الشهير في القدس الغربية، المُهِم ثم كانت النكسة بعد ذلك في حُزيران/ يونيو سبعة وستين، حيث ضموا أو احتلوا الجانب الشرقي، الذي كان إلى ذلك الوقت تحت الوصاية وتحت الإدارة الأردنية، ومن هنا موقف الأردن – الذي نُحييه طبعاً – المُتشدِّد جداً جداً والمُحِق العادل من هذه الخُطوة الترامبية الأخيرة، فاحتلوها! طبعاً المُجتمَع الدولي كله مرة أُخرى قال هذا لا يجوز، هذا احتلال، والقدس الشرقية هذه المرة أرض مُحتَلة، وصدرت قرارات تلو قرارات تلو قرارات تُؤكِّد هذه الحقيقة وهذه الوضعية القانونية الدولية لمدينة القدس، هذه المرة للقدس الشرقية، لا يجوز! صدر قرار 242 الذي يدعو إسرائيل إلى إلغاء كل إجراءتها وإبطالها، أي الحُكم بالإبطال والقر بالبطلان على كل إجراءتها، سواء تشريعية أو إدارية، التي عملت على تغيير وضع المدينة أو تطمح إلى تغيير وضع المدينة. طبعاً إخواني من تلك الساعة ومن ذلك اليوم الأغبر الأقتم الأسود إلى اليوم وإسرائيل تتغوَّل – دولة الاحتلال، هذه دولة احتلال – وتسرق أقاليم الآخرين وأراضي الآخرين، ثم تدّعي بكل وقاحة – وهذا شيئ يتفوَّق على الوقاحة ويتجاوز الوقاحة – أنها تُريد السلام، أي سلام؟! نحن رضينا بالهم – معاشر الفلسطينيين والعرب – والهم لم يرض بنا، الهم الصهيوني لم يرض بنا، والهم المُتواطئ مع الصهاينة لم يرض بنا، أي سلام؟! إنها تتنكَّر لكل القوانين الدولية، لكل شيئ! ثم تزعم أنها تُريد السلام، حتى هذا مُخالِف لأوسلو Oslo، الإعلان بإنها سوف تُوحِّد المدينة لتكون عاصمة يهودية – تهويد القدس – أبدية لدولة إسرائيل، وكأن إسرائيل مُؤبَّدة! أُقسِم بعزة جلال الله لقد اقترب أوانها، وسوف أُذكِّركم بكلامي هذا في بضع سنين، أُقسِم بعزة جلال الله لقد اقتراب أوانها، هم أرادوها كذلك! إسرائيل في كل سياستها تُخاطِبنا هكذا بمنطق واحد، هذا إذا أردتم أن تروا الصورة كما هي من غير رتوشة ومن غير منتجة، الصورة بكل بساطة إما أن يكون لنا كل شيئ وإما أن تنتزعوا منا كل شيئ، حسنٌ! هذا ما سيحصل، وقريب جداً جداً لن يكون لهم أي شيئ، هم أرادوه كذلك، أليس كذلك؟ نحن رضينا، رضينا ووقَّعنا وذهبنا وهرولنا وسكتنا وأسكتنا وصمتنا وصمَّتنا اللسان والسلاح وكل شيئ، في سبيل أن يحدث سلام في الشرق الأوسط، وأن يعيشوا هم وأن نعيش نحن، وكان الحديث عن حل الدولتين وعاصمة دولتنا، وبالمُناسَبة يقولون في حدود ما قبل الرابع من حُزيران سبعة وستين دولة فلسطينية، كم هذه الدولة الفلسطينية؟ سمعتم الآن، اثنين وعشرين في المائة، لا! هم لا يُعطونك اثنين وعشرين في المائة، قالوا لك انس هذا، هم أخذوا في الثمانية وأربعين ثماني وسبعين في المائة، هم مُتغوِّلون إلى أكثر من هذا، وهم يقولون لك حدودنا أصلاً من النيل إلى الفرات، ما فلسطين هذه التاريخية؟ لكن – بفضل الله تبارك وتعالى، انتبهوا – ليسوا في أحسن أوضاعهم، في أسوأ أوضاعهم. سمعتم طبعاً قبل أقل من سنة تخوفات نتانياهو Netanyahu في بيته، في جلسة هكذا حميمة مع أصدقاء له وأنسباء وأقرباء ومُستشارين كان يُعرِب عن خوفه أو يُعرِب عن تخوفه، أنه قد تكون دنت نهاية إسرائيل، يخشى ألا تعيش، يخشى ألا تُكمِل مائة سنة، في نبوءاتهم الدينية هي لا تُكمِل ثمانين سنة، أكثر من سبعين لكنها لا تُكمِل ثمانين سنة، يُحدِّدون ست وسبعين سنة، نبوءات دينية عندهم، نبوءات كتابية توراتية، هم يخشون هذا، هم الآن في أسوأ أوضاعهم، كثير جداً من الأقلام والأفواه اليسارية في إسرائيل تكتب عن هذا، أننا تقريباً الآن في مرحلة الأفول الأخير، ربما تكون أحسن الخُطوات أن نحزم أمتعتنا ونهرب، نهرب إلى موائلنا الأولى في الأمريكتين وفي أوروبا وكندا وما إلى ذلك، أي مكان! لأن الوضع الآن يتلملم، هم في أسوأ أوضاعهم! أنا أقول لكم يا لحسرة، يا لخزي، ويا لوقاحة الآن الذين يُهروِلون، ويفتحون أفواههم كبيرة واسعة، يسترضون الغاصبين، ويسترضون المُحتَلين! لا، قد أتيتم في الوقت الغلط، أنت أتيتم في أضعف لحظات هذه الدويلة الغاصبة، ما رأيكم؟ لكن هؤلاء لا يُحسِنون لا قراءة التاريخ ولا قراءة الواقع ولا الثقة بالله ولا الثقة بالأمة التي كفروا بها وكفَّروها بقضاياها، كفروا بهذه الأمة! لكن هذه الأمة حية، إياكم أن تكفروا بأنفسكم، إياكم أن تكفروا بأمتكم. الآن من هذه الأفواه الوقحة – أقلام وقحة، أفواه وقحة، وفضائيات وقحة – مَن تُشكِّك بل مَن تُلغي – ليس تُشكِّك حتى وإنما تُلغي – نضال الشعب الفلسطيني، يقولون أين ناضل هذا الشعب؟ كل هذا النضال الباذخ، هذا النضال الماجد، هذا النضال… ماذا أقول؟ الذي خشعت له العقول المُنصِفة العادلة حول العالم عبر أكثر من نصف قرن، لا يراه بعض العُربان، لا يرونه! يقولون أين النضال؟ هؤلاء باعوا قضيتهم، هؤلاء لم يُناضِلوا أصلاً، هل نحن لم نُناضِل؟ لم نُناضِل طبعاً ربما من رأيك أنت، وبعضهم – وهو أوقح بمراحل – أنكر أن تكون ثمة فلسطين، قال أين فلسطين؟ جولدا مائير Golda Meir بُعِثت من قبرها، هذه جولدا مائير Golda Meir في السبعينيات، قالت عن أي فلسطينيين تتحدَّثون؟ أروني الفلسطيني، الفلسطيني غير موجود! هؤلاء لا يرون لا فلسطين تاريخية ولا واقعية ولا فلسطينيين، لأنهم لا يرون نضالاً من شعبٍ غُصِب وسُرِقت أرضه. على كل حال لا تبتئسوا، هم سينجحون إذا ابتئستم أو اكتئبتم أو أُحبِطتم، لأن في أمتكم أمثال هذه… ماذا أقول؟ الدمامل، هذه السرطانات، وهذه الوقاحات، طبيعي جداً! كل بدن له إفرازات، ألا تذهبون إلى الحمام كل يوم؟ كل بدن له إفرازات، وله مُخرَجات، كل أمة، كل مُجتمَع، وكل شعب له مُخرجات، وله إفرازات، هؤلاء الإفرازات النتنة النجسة الوقحة لشعوبنا، أما شعوبنا فهي طاهرة ومقدامة وشجاعة وأبية وعظيمة، ونعرف هذا، انتبهوا! حتى القدرة المُنفلِتة أو مظاهر الانفلات المجنون لأبنائنا وبناتنا بحيث أنهم يُدمِّرون أنفسهم ودينهم وبلادهم وقضاياهم لو أخذتها من جهة أُخرى لأمكن أن تقرأها على نحو آخر أيضاً، هذه المظاهر التي نلعنها ولا نُشجِّعها أبداً، ولكن تُفسَّر بماذا؟ إرادة تغيير لم تجد طريقها الصحيح، فعبَّرت بجنون، إذن هذه الأمة ليست جبانة، ليست ميتة، وليست مُتواطئة، هذه الأمة عندها – أنا أقول لكم ولا أُجامِل نفسي كمُسلِم وعربي – ولديها استعداد لا نهائي للعطاء وللتضحية، مخزونها من الشرف والوفاء والقومية والوطنية والثقة بالله والإيمان بالله لا نهائي بفضل الله تبارك وتعالى، لا نهائي! لكن تحتاج ماذا؟ تحتاج القائد المُخلِص، الذي يقول لها الطريق من هنا، فقط بعد أن يقول لها الطريق من هنا عليه أن يصمت، ليس عليه أن يقول لها ماذا عليكِ أن تفعلي، ليس عليه أن يُلقي عليها أشعار وآيات التشجيع والتحفيز، هي تفعل هذا من تلقائها، فقط إذا وضح لها الطريق. لذلك كل مَن يُحدِّثكم عن العبثية وعن مظاهر اللا معقول في هذه الأمة، في وعي هذه الأمة، وفي مسالك هذه الأمة، قولوا له هذا ذنب الذين جعلوا أنفسهم زعماء وقادة، ولم يكونوا صادقين في أن يُشوِّفوا، أن يُروا، وأن يدلوا هذه الأمة على الطرق الصحيحة التي ينبغي أن تسلكها، اسلكي من هنا، وافعلي من هنا. في ألف وتسعمائة وثمانين يا إخواني – وسنعود الآن إلى الخلفية القانونية بسرعة – إسرائيل أعلنت قبل الكونجرس Congress – الكونجرس Congress فعل هذا في ألف وتسعمائة وخمس وتسعين، في أكتوبر! لكن في ألف وتسعمائة وثمانين أعلنت إسرائيل وقرَّرت هذا، أعلنت للعالم هذا القرار – أن القدس بشطريها الغربي والشرقي عاصمة مُوحَّدة أبدية لدولة إسرائيل، مُباشَرةً طار صدام حسين الذي كان مشغولاً بحربه مع إيران من جبهة البصرة إلى الملك خالد بن عبد العزيز – رحمه الله – في المملكة السعودية، قال له انظر، قال له ماذا؟ قال له لابد أن تُعلِن ومن الرياض – ليس من بغداد وإنما من الرياض، أنا أسمح وأتنازل بهذا – أننا سنُقاطِع كل الدول التي تفعل هذا وتعترف بهذا دبلوماسياً واقتصادياً، سنُجمِّد كل المُعامَلات، وفعلوا هذا، وأُعلِن هذا من الرياض، ومات القرار في مكانه، إلى أن جاء الكونجرس Congress في أكتوبر خمسة وتسعين وجدَّد المسألة، قال نعم سننقل السفارة، وينبغي على الرئيس الأمريكي أن يقوم بنقل السفارة، في حد أدناه واحد وثلاثين مايو تسعة وتسعين، أعطاه زُهاء خمس سنين أو ست سنين، لكن إذا رأى الرئيس الأمريكي أن ضرورات الأمن القومي الأمريكي تُملي تأجيل تنفيذ قرار نقل السفارة فله ذلك لستة أشهر، وكل ستة أشهر لابد أن يُوقِّع، ظلوا بعد ذلك تقريباً لست فترات رئاسية – كلينتون Clinton قضى فترتين، بوش الابن Bush the son أو الصغير قضى فترتين، وأوباما Obama قضى فترتين – يُوجِّلون، يُؤجِّلون كل ستة أشهر! هذه الخلفية القانونية العالمية أو الكونية لقضية القدس العادلة، وهي من أعدل القضايا إن لم تكن أعدلها على الإطلاق قي العصر الحديث. كل الذين كانوا مُغتصَبين ومُحتَلين قد تحرَّروا، إلا الشعب الفلسطيني، وإلا مُقدَّسات وتراب الشعب الفلسطيني، وهي – بعون الله تبارك وتعالى – تنتظر تحريرها في أقرب الآجال كما يُقال، لكن – انتبهوا – هناك المنطق الذي الآن بدأنا نسمعه من بعض المشايخ ومن بعض المُتحدِّثين، المنطق الإلهائي أو التخديري! أن القدس مُحرَّرة مُحرَّرة ولا تفعلوا شيئاً، أُقسِم بالله قالوا هكذا، قالوا لا تفعلوا شيئاً! ما هذا؟ مَن الذي يطلب؟ مَن الذي يقترح منهم مثل هذا المنطق؟ وبالمُناسَبة الأمة ليست بتلك الدرجة من الغباء أبداً، خاصة في مثل هذه القضايا، هل تعرفون لماذا؟ هذه القضايا غير قابلة ليس للتصرف فقط بلُغة القانون الدولي وإنما غير قابلة للتزوير أيضاً، وغير قابلة للتزييف، أنت يُمكِن أن تُزيِّف وعيي، لكن لا يُمكِن أن تُزيِّف انفعالاتي، أنا أشعر بالألم، أنت تقول لي لا، ما شاء الله مظهرك، وجهك، وحمار وجهك يُؤكِّد أنك لا تشعر، هذا كلام فارغ، أتُريد أن تُزيِّف وعيي؟ لأنني أشعر بالألم لا تستطيع أن تُزيِّف شعوري به. الأمة مألومة، الأمة تشعر بالذل، وبالمُناسَبة قضية القدس بالذات هي رمز، هي الرمز الأكبر للقضية الفلسطينية، والنضال الفلسطيني وقضية فلسطين رمز لنضال العرب والمُسلِمين، إذا ضيَّعتم هذا الرمز وإذا ضيَّعنا قضية القدس – أنا أقول لكم بعزة الله مرة أُخرى – فلن يسأل مُسلِم في مُسلِم ولن يسأل عربي بعربي، أتظنون أننا إذا ضيَّعنا القدس غداً أو بعد غد فسنسأل عن ضياع أي عاصمة عربية أُخرى؟ لن يسأل أحد، أي عربي لن يسأل، جارك حتى – جارك المُلاصِق لك والمُتاخِم لك حدودياً – لن يسأل عن ضياع عاصمتك، وربما يكون هذا هو المُخطَّط الأكبر بالمُناسَبة، هذا المُخطَّط الأكبر على طريق إسرائيل الكُبرى التي لا يُنكِرون أنها هدفهم، وعندهم خرائط، واقروا وراجعوا، اتركوا الإعلام المُضلِّل، العربي بالذات، لا! هذه حقائق فاقعة وصادمة، وطبعاً هذا المعيار، هم ضيَّعوا القدس فهل سوف يسألون في المدينة الفلانية أو العلانية التي ليست أولى القبلتين لنا – أبداً لم تكن قبلة لنا – ولا ثالث الحرمين الشريفين؟ سيكون ضياع القدس مُقدِّمة لضياع كل شيئ، وهذا معنى رمزية الصراع على القدس، القضية العادلة! في سبتمبر ألف وتسعمائة وواحد وسبعين صدر قرار عن مجلس الأمن هذه المرة يُطالِب إسرائيل ويُعلِن إسرائيل ويُعلِمها أن كل إجراءتها مرة أخرى الدستورية والتشريعية والإدارية التي تعمل على تغيير وضع المدينة القانوني باطلة ولاغية، ولم تفعل إسرائيل شيئاً، أنتم قرِّروا، العرب لا يفعلون شيئاً، إذن نحن سنُواصِل، ولذلك – لا أدري قلت هذا أم لا، لا أذكر هذا – من السبعة وستين إلى اللحظة تغوَّلت إسرائيل ثُلث أراضي القدس الشرقية، سرقتها أيضاً، هي احتلتها والآن تسرقها، ثُلث أراضي القدس الشرقية! هناك مُستوطَنات وطرد سكان ومُصادَرة أراضي، شيئ فظيع يا إخواني! في ألفين وخمسة عشر كم بلغ عدد المُستوطِنين (المُغتصِبين)! والمُستوطَنات هي ماذا؟ مُغتصَبات، يا ليت نُسمي الأشياء بأسمائها! مُستوطَنة كلمة لطيفة بعض الشيئ، ليست مُستوطَنة وإنما مُغتصَبة، لأنها على أراضي مُحتَلة، مَن الذي يقول إنها مُغتصَبة ومُحتَلة؟ القانون الدولي، الأمم المُتحِدة، مجلس الأمن، والاتحاد الأوروبي، كل العالم يقول هذا! وبالمُناسَبة على هذه الخلفية دول الاتحاد الأوروبي – وحتى المملكة المُتحِدة، أي الــ UK – عارضت هذا، وكندا طبعاً وفرنسا وغيرهما، الكل عارض هذا، هذه قضية… لا أعرف ماذا نقول يا إخواني، لكن هذا ترامب Trump، هذا ترامب Trump! يبدو أن ترامب Trump استخف إلى أبعد حد بالعرب وبالمُسلِمين، مسكين هو، مسكين! بالعكس هو زرع الآن ليس لُغماً واحداً بل ألغاماً كثيرة لا يدري إلا الله ستنفجر في مَن وكيف ومتى، هو يزيد عددها، ثم يتساءلون بعد ذلك، يتساءلون لماذا يكره العرب أو المُسلِمون أمريكا؟ نحن نكره هذه السياسات، لا نكره أمريكا كدولة وحضارة، بالعكس! ولا نكره الشعب الأمريكي، نكره هذه السياسات الوقحة والمُجرِمة والمُتلعثِمة، لا تسير على خُطة العدل! حتى ترامب Trump – تابعتم خطابه – كان مُتلعثِماً، لأول مرة يتكلَّم بمثل هذه اللعثمة، التعليقات بالمئات عليه، حتى أنه حين ختم وبارك إسرائيل وبارك تقريباً الفلسطينيين تلعثم وبارك (United Shtatesh)، قالها (Shtatesh)، لم يقل States، تلعثم! قالوا غير معقول، ما الذي يحصل؟ الرجل كان إعلامياً أصلاً، كان يُقدِّم برامج لسنوات طويلة، كيف أصبحت (Shtatesh)؟ الرجل كان مُتلعثِماً جداً، طبعاً سر هذه اللعثمة أنه يعلم أنه ينتهك كل المُحرَّمات، يتجاوز ويدوس ببسطاره وبحذائه على كل القوانين، ويبصق في وجه المُجتمَع الدولي كله، يعلم هذا! ولذلك المُجتمَع الدولي – وهذا يُشكَر له – قابله هذه المرة بقسوة، وجعله Isolated، أي معزولاً، عزله وعزل قراره. لكن أنا سؤالي الآن ليس عن المُجتمَع الدولي، سؤالي عن المُجتمَع العربي، ماذا سيفعل العرب؟ ما هي الخُطوات العملية؟ كما قلنا الشعوب عندها قدرة أن تُقدِّم أي شيئ، لكن أنتم يا قادة ويا زعماء ماذا ستفعلون؟ نُريد إجراءات مُحدَّدة، نُريد إجراءات اقتصادية ودبلوماسية واضحة، ولا نُريد منكم أن تذهبوا إلى النهاية، ربما لا تستطيعون، هناك حسابات كثيرة، لكن افعلوا شيئاً واضحاً، على الأقل يُطمئن شعوبكم، أنكم تشعرون ببعض ما تشعر ببعض هذه الشعوب من الألم، من الذل، من الخزي، ومن الوجع، الوجع القومي! يُوجَد وجع، نحن موجوعون، مرة أُخرى المشاعر لا يُمكِن أن تُزيَّف، لا يُمكِن أن تُزيِّف على إنسان مشاعره. ولذلك زوِّروا ما شئتم، أقول للكل بما فيهم هؤلاء المُغتصِبين الصهاينة زوِّروا التاريخ إن شئتم – وقد زوَّروه -، زوِّروا الجغرافيا، اكذبوا على الوقائع، واكذبوا على الواقع، لن تستطيعوا أن تُزوِّروا مشاعر الناس وانفعالات الناس، لديكم حول العالم زُهاء مليار وثمانمائة مليون مُسلِم، قلوبهم من عند آخرهم مُعلَّقة بأقصاهم ومُعلَّقة بمقدسهم، قلوب مليار وثمانمائة مليون مُسلِم! لديكم حول العالم زُهاء اثنين مليار من المسيحيين، قلوبهم مُعلَّقة أيضاً بقيامتهم وبقدسهم، حقهم! هذا حقهم، من أجل ماذا؟ في سبيل ماذا؟ وأي منطق يقضي بأن أُغضِب اثنين مليار مسيحي حول العالم وزُهاء اثنين مليار مُسلِم؟ لكي أُرضي حفنة من المُحتَلين المُغتصِبين، الذين يصفهم القانون الدولي بأنهم مُحتَلون ومُغتصَبون، ووجودهم ليس له أدنى شرعية ولا ذرة من شرعية في القدس، لا الشرقية ولا الغربية، حتى التي فيها مبنى الكنيست Knesset مُغتصَبة، اغتصبوها – كما قلت لكم – في الثمانية وأربعين، هذا مُهِم أن تسمعوه، لأنني سمعت للأسف بعض (الفلسطينيين) مِمَن يدّعي الفهلوة الإعلامية – يدّعي أنه فاهم وشاطر ويُطمئننا، وهذا أحد الذين قالوا لنا اجلسوا ولا تفعلوا شيئاً، هل القدس ستتحرَّر ما شاء الله بمثل منطقك؟ – وهو يُهوَّن جداً من قضية القدس الغربية، بل يجعلها ورقة بيده لكي لا نقلق على القدس الشرقية، أي لماذا أنتم تُكبِّرون الأمر؟ ها هي القدس الغربية، فيها الكنيست Knesset، فيها المُتحَف الإسرائيلي، فيها لفائف التوراة ومخطوطات البحر الميت، وفيها كل شيئ! ما هذا؟ كم دفعوا! لماذا؟ هل يُمكِن أن تفعل الأموال أو النقود هذا في الناس؟ هل يُمكِن أن يتعايش أحد بهذه الطريقة؟ لكن مرة أُخرى – كما قلت – لكل مُجتمَع إفرازاته، هذه مُخرَجات، وهذه إفرازات. وكما أقول دائماً يا إخواني أي دور مهما بلغ من الإجرام والخسة والنذالة والوقاحة والقباحة والشناعة والبشاعة ستجدون مَن يلعبه، أي دور! أليس كذلك؟ ألسنا نعيش في هذا العالم؟ نحن لسنا سكان السماوات العُلا، نحن سكان هذا الصفيح الأرضي الواطئ، في هذا الصفيح هناك القتلة، هناك المُغتصِبون، هناك المُتحرِّشون، هناك الخونة، هناك مَن يقتل أباه، هناك مَن يأتي ابنته، وهناك مَن يبيع أوطانه، هذا العالم! ولذلك لا تعجبوا أن يكون في العرب وفي المُسلِمين مَن يلعب أدوار الخسة والقباحة هذه، موجودون! لكن ملعونون، ملعونون عند الله، ملعونون في ذمة التاريخ، ملعونون في قلوبنا وعلى ألسنتنا، وملعونون عند شرفاء الأمة الذي هم الأمة، الأمة شريفة بجسمها وبكلها – بفضل الله تبارك وتعالى – ما عدا هذه المُخرَجات والإفرازات النتنة النجسة، أراح الله منهم، أعلنوا البراءة والعنوهم على كل لسان، ليعلموا أنهم ملعونون، وإن ادّعوا أنهم أصحاب فكر وأصحاب قلم وأصاحب مقام ومقال، ليسوا كذلك، ليسوا إلا إفرازات نجسة، لا كثَّر الله في الأمة من أمثالها، الأمة تنتظر لحظتها بإذن الله تبارك وتعالى. بالمُناسَبة هذه المُعادَلة صاغها المُغتصِب الصهيوني، لم نصغها نحن، أُعيد التذكير بها، هم قالوا لنا – علماً بأن هذا لم يحدث مرة وإنما حدث ألف مليون مرة – نحن نتصرَّف وفق هذا المنطق، نحن نُفرِغ ونصدر عن هذا المنطق، إما أن كل شيئ لنا ولا شيئ لكم وإما أن تنتزعوا منا كل شيئ، مُعادَلة صفرية! نحن نربح وأنتم تخسرون، نحن نُوجَد وأنتم تُعدَمون، وكانوا يقولون – يُمنون أنفسهم، خاصة في جيل جولدا مائير Golda Meir وموشيه دايان Moshe Dayan وبن غوريون Ben-Gurion – الكبار يموتون والصغار ينسون، الكبار لم يموتوا، نضالهم وجهادهم، شموسهم وإباؤهم، وطنيتهم وشرفهم، ودماؤهم ودموعهم وعرقهم يعيش فينا، وينبض فينا بإذن الله وبحول الله وبفضل الله، والصغار أنتم رأيتم حالهم، والله صغارك يا فلسطين في هذه الأجيال الأخيرة أشجع وأقوى وأمجد من كبار كبار فلسطين قبل عقود بفضل الله تبارك وتعالى، الصهاينة يرون هذا، إن كنتم لا ترونه فأنتم عمي وحاشاكم، لأن الكل يرى هذا، هذا الفلسطيني الصغير الذي لا يخاف لا من أباتشي Apache ولا من دبابة ولا من مُعتقَل، لا يخاف من شيئ، لأنه مُؤمِن بالله أولاً ثم مُؤمِن بقضيته حتى النهاية وإلى ما لا نهاية، حتى تتحرَّر هذه الأرض، ويرفع شبل – كما قال الشهيد أبو عمّار – من أشبالنا أو زهرة من زهراتنا علم فلسطين عالياً خفّاقاً فوق رُبى القدس الشريف بإذن الله تبارك وتعالى، قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا ۩. هذا كان قرار مجلس الأمن، قرار الكونجرس Congress في أكتوبر خمسة وتسعين أعقبه مُباشَرةً قرار آخر صدر عن مجلس هذه المرة 50/22 (ألف، باء) في ديسمبر ألف وتسعمائة وخمسة وتسعين، أي بعد شهرين تقريباً، وقال كل هذه الإجراءات إن حدثت فهي لاغية، وشجب نقل السفارات، وأي دولة تنقل سفاراتها – الولايات المُتحِدة أو غير الولايات المُتحِدة – إنما تقوم بفعل مُجرَّم وخاطئ، مجلس الأمن قال هذا، مجلس الأمن فعل هذا، لا يجوز! لا يجوز يا إخواني. على كل حال أختم بكلمة واحدة، لابد أن نكون مع هذه القضية لكن ليس فقط لأننا عرب، قد لا يكون بعضنا عربياً، مع أن أنصارها من غير العرب أكثر بكثير من أنصارها من العرب، أنصارها هم المُسلِمون عموماً والمسيحيون الشرفاء، وبالمُناسَبة المسيحيون – وبخاصة مسيحيو الشرق من عند آخرهم – غاضبون جداً، مفجوعون، وحزانى، لأول مرة – لأول مرة في عصرنا المعيش هذا – لا تُضاء شجرة عيد الميلاد – أي شجرة الكريسماس Christmas – في القدس، في القدس المُقدَّسة، في القدس الأبية! لم يُضئها المسيحيون، قالوا لا، لأننا مفجوعون، غصبونا على أماكننا المُقدَّسة، هذه حقنا، ليست حق المُغتصِبين، لم يُضيئوها، غضبانون! إخواننا المسيحيون الكلدانيون في العراق عبَّروا عن إبائهم وغضبهم ورفضهم، البابا تواضروس الثاني – حياه الله – في مصر من بعد شيخ الأزهر – زاده الله رفعة وعِزة – أعربا عن غضبهما الشديد، ليس التبرم وإنما الغضب الشديد، حتى أنهما أعلنا لا يُشرِّفهما وليسا راغبين في لقاء نائب الرئيس الأمريكي الذي يأتي إلى المنطقة في هذه الأيام، قالا لا، كما فعلت السُلطة الفلسطينية أيضاً مُمثَّلة في رئيسها وفي آخرين، هذا موقف مُشرِّف، لا نُريد أن نُقابِلك، لأنك كافأت دولة الاحتلال التي غصبت الأرض وشرَّدت العباد وخرقت كل المواثيق وكل القوانين الدولية، كافأتها بأن شرعنت احتلالها، قلت لها كل السواد – سواد الاحتلال – مُبيَّض الآن، وهو شرعي، ويا حيهلاً، سنُكافئكِ بأن نعترف بما سرقتِ من هذه الأرض المُقدَّسة عاصمةً أبديةً مُوحَّدةً لكِ، الله أكبر! الله أكبر على الظلم يا أخي، الله أكبر على الظلم، لكن أنتم تُخاطِبون تاجراً اسمه ترامب Trump، تاجر لا علاقة له بقانون دولي ولا بقانون غير دولي ولا بعدالة ولا بحس إنساني، مُجرَّد تاجر يُريد الأموال. بالمُناسَبة قيادات المُجتمَع اليهودي في أمريكا – وبالذات نيويورك – بشكل عام كما على ذمة هاآرتس Haaretz – الصحيفة اليسارية الإسرئيلية – مُتبرِّمة جداً من قرار ترامب Trump، وقالت ما حمله على هذا القرار الخاطئ إلا مصالح سياسية داخلية له، لأنه مُهدَّد! مُهدَّد بجريمة حتى خيانة عُظمى، تعاون مع الروس لكي يصل إلى السُلطة، وقد يُؤخَذ من سُدة الحُكم ويُوضَع في غيابات السجون ويُحاكَم، فأراد أن يُقدِّم القدس قُرباناً لكي يرضوا عنه، نائبه مُوافِق معه، سفيرته في الأمم المُتحِدة، وسفيره في إسرائيل مُوافِق، لكن وزير الدفاع مُعارِض له، وزير الخارجية مُعارِض له، ومُدير السي آي إيه CIA – وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية – مُعارِض له، مُعارِض للقرار! هذا في داخل أمريكا نفسها، وبعد ذلك يأتيك بعض العُربان أو بعض العرب ليُوافِق على القرار بطريقة أو بأُخرى، أين ذهبنا؟ أين وصلنا؟ وكيف تدلينا؟ اللهم غوثك، اللهم غوثك، اللهم نصرك، واللهم بلُطفك بهذه الأمة. وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. الخطبة الثانية الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديدٌ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صَلَىَ الله – تعالى – عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيراً. اللهم اهدنا فيمَن هديت، وعافنا فيمَن عافيت، وتولنا فيمَن توليت، اغفر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا وما أسررنا وما أعلنا. اللهم احفظ علينا مُقدَّساتنا ورد علينا مُغتصَباتنا، اللهم وحِّد شمل هذه الأمة، اللهم جمِّع صفوفها، وقوِّ قلوبها، واجمعها على كلمة الحق والخير والهُدى والعدل برحمتك يا أرحم الراحمين، وجنِّبها الفتن ما ظهر منها وما بطن. عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩، وأقِم الصلاة. (انتهت الخُطبة بحمد الله) فيينا (15/12/2017)
لتتمة المقال
م ب
-------
1- رئيس لجنة القدس
2- صبحي صالح
إخواني واخواتي: بين وعد بلفور Balfour وبين قرار ترامب Trump مائة سنة بالضبط وزادت شهراً واحداً، ولكن قبل الوعدين كليهما هناك وعد الله تبارك وتعالى، فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ ۩، وقد بدأ هذا الوجه المُحتَل يسوء ويتجهَّم حول العالم، لأن المُجتمَع الدولي برمته كما تُلاحِظون وتُراقِبون – بفضل الله تبارك وتعالى – وقف ضد هذه المظلمة الجديدة، التي تنكَّرت لكل الشرع الدولية، لكل القوانين الدولية، لكل المواثيق، وحتى للحد الأدنى من حس العدالة لدى بني الإنسان. ما حصل – إخواني وأخواتي – بكل اختصار هو أن قرار التقسيم المعروف طبعاً سنة سبع وأربعين – ألف وتسعمائة وسبع وأربعين – قضى بقيام دولتين، دولة عبرية يهودية ودولة عربية فلسطينية، ولكن قرار التقسيم – وهذا مُهِم جداً أن نُؤكِّد عليه – جعل القدس – ولم يكن هناك قدس شرقية وقدس غربية، القدس قدس، جعل القدس كلها برُمتها – ذات وضع خاص، بحيث تكون مفتوحة أمام البشر جميعاً، خاصة أمام أتباع الديانات السماوية الثلاثة كما يُقال. فالقدس وفق قرار التقسيم لم تكن من نصيب الدولة العبرية أو الدولة اليهودية، هذا مُهِم جداً! لكن ما حصل أنه عند نكبتنا في الثمانية وأربعين احتل الصهاينة زُهاء ثماني وسبعين في المائة من أرض فلسطين التاريخية، واحتلوا معها الجُزء الغربي من القدس، انتبهوا تماماً، لأننا مُضلَّلون للأسف الشديد، وإعلامنا – ما شاء الله – مُقصِّر حتى النهاية، مُقصِّر حتى الثمالة، الناس تسمع بالقدس الشرقية والقدس الغربية، وكأن القدس الغربية أتوا بها من المهجر وبنوها هناك، القدس الغربية هي جُزء من القدس، المدينة المُقدَّسة التاريخية، التي يزيد عمرها على ستة آلاف سنة، لتكون بذلك إحدى أقدم المدن المأهولة عبر التاريخ وحول العالم، هذه هي القدس! وإذا كان عمر هؤلاء العبرانيين فيها كما يحتفلون هم قبل سنوات ثلاثة آلاف سنة فإن أصولها وجذورها العربية تنما بها إلى ستة آلاف سنة على الأقل أو سبعة آلاف سنة على الأكثر، لقد بناها أصحابها العرب – الكنعانيون – في الألفية الخامسة أو الرابعة قبل الميلاد، أما أول عهد هؤلاء بها كمدينة فقد كان مع داود – مملكة داود – في الألفية الأخيرة قبل الميلاد، أين هذا؟ معروف القدس لمَن تاريخياً، الآن هم يتسلَّحون بمنطق ديني، والعجيب أنهم يعظوننا بكتابنا، هذا عبث، هذه مسخرة، هذه وقاحة، هذا شيئ يتجاوز الوقاحة، أنكم تتنكَّرون الآن لكل الشرع الدولية ولكل القوانين الدولية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المُتحِدة، عن مجلس الأمن، وعن غير ذلك، والآن تبدأون ترطنون رطانات دينية، أيضاً كفتكم ليست ماتعة، ليس معكم شُبهة دليل، فضلاً عن أن يكون معكم وجه دليل، الأمر واضح جداً! على كل حال فاحتلوا الجُزء الغربي منها في الثمانية وأربعين، في التسعة وأربعين أعلنوا هذا الجُزء – ما يُسمى الآن بالقدس الغربية – عاصمةً لهم، عارض المُجتمَع الدولي، بما في ذلك – وهذا مُهِم جداً، يا ليت ترامب Trump يعلم هذا! لا ندري هل يعلم أو لا يعلم، الرجل مشغول بصفقاته التجارية طبعاً وتجميع الأموال وانتهاب الأموال من الشرق والغرب – الولايات المُتحِدة الأمريكية، قالت لا يجوز لإسرائيل أن تُعلِن غربي القدس عاصمةً لها، لماذا لا يجوز والجماعة أقوياء والعرب ضعفاء؟ قالوا لأن هذا يُعتبَر انتهاكاً للقانون الدولي، القانون الدولي يحظر ويُحرِّم ويُجرِّم، ليس أخذ الأقاليم بالقوة، بل التهديد باستعمال القوة لضم أقاليم، ممنوع! هذه جريمة أن تُهدِّد أنني يُمكِن أن أفعل هذا، ممنوع! فكيف تفعل ذلك ثم تُعلِنه عاصمة؟ طبعاً مبنى الكنيست Knesset أو البرلمان الإسرائيلي في القدس الغربية، متحف إسرائيل الشهير في القدس الغربية، المُهِم ثم كانت النكسة بعد ذلك في حُزيران/ يونيو سبعة وستين، حيث ضموا أو احتلوا الجانب الشرقي، الذي كان إلى ذلك الوقت تحت الوصاية وتحت الإدارة الأردنية، ومن هنا موقف الأردن – الذي نُحييه طبعاً – المُتشدِّد جداً جداً والمُحِق العادل من هذه الخُطوة الترامبية الأخيرة، فاحتلوها! طبعاً المُجتمَع الدولي كله مرة أُخرى قال هذا لا يجوز، هذا احتلال، والقدس الشرقية هذه المرة أرض مُحتَلة، وصدرت قرارات تلو قرارات تلو قرارات تُؤكِّد هذه الحقيقة وهذه الوضعية القانونية الدولية لمدينة القدس، هذه المرة للقدس الشرقية، لا يجوز! صدر قرار 242 الذي يدعو إسرائيل إلى إلغاء كل إجراءتها وإبطالها، أي الحُكم بالإبطال والقر بالبطلان على كل إجراءتها، سواء تشريعية أو إدارية، التي عملت على تغيير وضع المدينة أو تطمح إلى تغيير وضع المدينة. طبعاً إخواني من تلك الساعة ومن ذلك اليوم الأغبر الأقتم الأسود إلى اليوم وإسرائيل تتغوَّل – دولة الاحتلال، هذه دولة احتلال – وتسرق أقاليم الآخرين وأراضي الآخرين، ثم تدّعي بكل وقاحة – وهذا شيئ يتفوَّق على الوقاحة ويتجاوز الوقاحة – أنها تُريد السلام، أي سلام؟! نحن رضينا بالهم – معاشر الفلسطينيين والعرب – والهم لم يرض بنا، الهم الصهيوني لم يرض بنا، والهم المُتواطئ مع الصهاينة لم يرض بنا، أي سلام؟! إنها تتنكَّر لكل القوانين الدولية، لكل شيئ! ثم تزعم أنها تُريد السلام، حتى هذا مُخالِف لأوسلو Oslo، الإعلان بإنها سوف تُوحِّد المدينة لتكون عاصمة يهودية – تهويد القدس – أبدية لدولة إسرائيل، وكأن إسرائيل مُؤبَّدة! أُقسِم بعزة جلال الله لقد اقترب أوانها، وسوف أُذكِّركم بكلامي هذا في بضع سنين، أُقسِم بعزة جلال الله لقد اقتراب أوانها، هم أرادوها كذلك! إسرائيل في كل سياستها تُخاطِبنا هكذا بمنطق واحد، هذا إذا أردتم أن تروا الصورة كما هي من غير رتوشة ومن غير منتجة، الصورة بكل بساطة إما أن يكون لنا كل شيئ وإما أن تنتزعوا منا كل شيئ، حسنٌ! هذا ما سيحصل، وقريب جداً جداً لن يكون لهم أي شيئ، هم أرادوه كذلك، أليس كذلك؟ نحن رضينا، رضينا ووقَّعنا وذهبنا وهرولنا وسكتنا وأسكتنا وصمتنا وصمَّتنا اللسان والسلاح وكل شيئ، في سبيل أن يحدث سلام في الشرق الأوسط، وأن يعيشوا هم وأن نعيش نحن، وكان الحديث عن حل الدولتين وعاصمة دولتنا، وبالمُناسَبة يقولون في حدود ما قبل الرابع من حُزيران سبعة وستين دولة فلسطينية، كم هذه الدولة الفلسطينية؟ سمعتم الآن، اثنين وعشرين في المائة، لا! هم لا يُعطونك اثنين وعشرين في المائة، قالوا لك انس هذا، هم أخذوا في الثمانية وأربعين ثماني وسبعين في المائة، هم مُتغوِّلون إلى أكثر من هذا، وهم يقولون لك حدودنا أصلاً من النيل إلى الفرات، ما فلسطين هذه التاريخية؟ لكن – بفضل الله تبارك وتعالى، انتبهوا – ليسوا في أحسن أوضاعهم، في أسوأ أوضاعهم. سمعتم طبعاً قبل أقل من سنة تخوفات نتانياهو Netanyahu في بيته، في جلسة هكذا حميمة مع أصدقاء له وأنسباء وأقرباء ومُستشارين كان يُعرِب عن خوفه أو يُعرِب عن تخوفه، أنه قد تكون دنت نهاية إسرائيل، يخشى ألا تعيش، يخشى ألا تُكمِل مائة سنة، في نبوءاتهم الدينية هي لا تُكمِل ثمانين سنة، أكثر من سبعين لكنها لا تُكمِل ثمانين سنة، يُحدِّدون ست وسبعين سنة، نبوءات دينية عندهم، نبوءات كتابية توراتية، هم يخشون هذا، هم الآن في أسوأ أوضاعهم، كثير جداً من الأقلام والأفواه اليسارية في إسرائيل تكتب عن هذا، أننا تقريباً الآن في مرحلة الأفول الأخير، ربما تكون أحسن الخُطوات أن نحزم أمتعتنا ونهرب، نهرب إلى موائلنا الأولى في الأمريكتين وفي أوروبا وكندا وما إلى ذلك، أي مكان! لأن الوضع الآن يتلملم، هم في أسوأ أوضاعهم! أنا أقول لكم يا لحسرة، يا لخزي، ويا لوقاحة الآن الذين يُهروِلون، ويفتحون أفواههم كبيرة واسعة، يسترضون الغاصبين، ويسترضون المُحتَلين! لا، قد أتيتم في الوقت الغلط، أنت أتيتم في أضعف لحظات هذه الدويلة الغاصبة، ما رأيكم؟ لكن هؤلاء لا يُحسِنون لا قراءة التاريخ ولا قراءة الواقع ولا الثقة بالله ولا الثقة بالأمة التي كفروا بها وكفَّروها بقضاياها، كفروا بهذه الأمة! لكن هذه الأمة حية، إياكم أن تكفروا بأنفسكم، إياكم أن تكفروا بأمتكم. الآن من هذه الأفواه الوقحة – أقلام وقحة، أفواه وقحة، وفضائيات وقحة – مَن تُشكِّك بل مَن تُلغي – ليس تُشكِّك حتى وإنما تُلغي – نضال الشعب الفلسطيني، يقولون أين ناضل هذا الشعب؟ كل هذا النضال الباذخ، هذا النضال الماجد، هذا النضال… ماذا أقول؟ الذي خشعت له العقول المُنصِفة العادلة حول العالم عبر أكثر من نصف قرن، لا يراه بعض العُربان، لا يرونه! يقولون أين النضال؟ هؤلاء باعوا قضيتهم، هؤلاء لم يُناضِلوا أصلاً، هل نحن لم نُناضِل؟ لم نُناضِل طبعاً ربما من رأيك أنت، وبعضهم – وهو أوقح بمراحل – أنكر أن تكون ثمة فلسطين، قال أين فلسطين؟ جولدا مائير Golda Meir بُعِثت من قبرها، هذه جولدا مائير Golda Meir في السبعينيات، قالت عن أي فلسطينيين تتحدَّثون؟ أروني الفلسطيني، الفلسطيني غير موجود! هؤلاء لا يرون لا فلسطين تاريخية ولا واقعية ولا فلسطينيين، لأنهم لا يرون نضالاً من شعبٍ غُصِب وسُرِقت أرضه. على كل حال لا تبتئسوا، هم سينجحون إذا ابتئستم أو اكتئبتم أو أُحبِطتم، لأن في أمتكم أمثال هذه… ماذا أقول؟ الدمامل، هذه السرطانات، وهذه الوقاحات، طبيعي جداً! كل بدن له إفرازات، ألا تذهبون إلى الحمام كل يوم؟ كل بدن له إفرازات، وله مُخرَجات، كل أمة، كل مُجتمَع، وكل شعب له مُخرجات، وله إفرازات، هؤلاء الإفرازات النتنة النجسة الوقحة لشعوبنا، أما شعوبنا فهي طاهرة ومقدامة وشجاعة وأبية وعظيمة، ونعرف هذا، انتبهوا! حتى القدرة المُنفلِتة أو مظاهر الانفلات المجنون لأبنائنا وبناتنا بحيث أنهم يُدمِّرون أنفسهم ودينهم وبلادهم وقضاياهم لو أخذتها من جهة أُخرى لأمكن أن تقرأها على نحو آخر أيضاً، هذه المظاهر التي نلعنها ولا نُشجِّعها أبداً، ولكن تُفسَّر بماذا؟ إرادة تغيير لم تجد طريقها الصحيح، فعبَّرت بجنون، إذن هذه الأمة ليست جبانة، ليست ميتة، وليست مُتواطئة، هذه الأمة عندها – أنا أقول لكم ولا أُجامِل نفسي كمُسلِم وعربي – ولديها استعداد لا نهائي للعطاء وللتضحية، مخزونها من الشرف والوفاء والقومية والوطنية والثقة بالله والإيمان بالله لا نهائي بفضل الله تبارك وتعالى، لا نهائي! لكن تحتاج ماذا؟ تحتاج القائد المُخلِص، الذي يقول لها الطريق من هنا، فقط بعد أن يقول لها الطريق من هنا عليه أن يصمت، ليس عليه أن يقول لها ماذا عليكِ أن تفعلي، ليس عليه أن يُلقي عليها أشعار وآيات التشجيع والتحفيز، هي تفعل هذا من تلقائها، فقط إذا وضح لها الطريق. لذلك كل مَن يُحدِّثكم عن العبثية وعن مظاهر اللا معقول في هذه الأمة، في وعي هذه الأمة، وفي مسالك هذه الأمة، قولوا له هذا ذنب الذين جعلوا أنفسهم زعماء وقادة، ولم يكونوا صادقين في أن يُشوِّفوا، أن يُروا، وأن يدلوا هذه الأمة على الطرق الصحيحة التي ينبغي أن تسلكها، اسلكي من هنا، وافعلي من هنا. في ألف وتسعمائة وثمانين يا إخواني – وسنعود الآن إلى الخلفية القانونية بسرعة – إسرائيل أعلنت قبل الكونجرس Congress – الكونجرس Congress فعل هذا في ألف وتسعمائة وخمس وتسعين، في أكتوبر! لكن في ألف وتسعمائة وثمانين أعلنت إسرائيل وقرَّرت هذا، أعلنت للعالم هذا القرار – أن القدس بشطريها الغربي والشرقي عاصمة مُوحَّدة أبدية لدولة إسرائيل، مُباشَرةً طار صدام حسين الذي كان مشغولاً بحربه مع إيران من جبهة البصرة إلى الملك خالد بن عبد العزيز – رحمه الله – في المملكة السعودية، قال له انظر، قال له ماذا؟ قال له لابد أن تُعلِن ومن الرياض – ليس من بغداد وإنما من الرياض، أنا أسمح وأتنازل بهذا – أننا سنُقاطِع كل الدول التي تفعل هذا وتعترف بهذا دبلوماسياً واقتصادياً، سنُجمِّد كل المُعامَلات، وفعلوا هذا، وأُعلِن هذا من الرياض، ومات القرار في مكانه، إلى أن جاء الكونجرس Congress في أكتوبر خمسة وتسعين وجدَّد المسألة، قال نعم سننقل السفارة، وينبغي على الرئيس الأمريكي أن يقوم بنقل السفارة، في حد أدناه واحد وثلاثين مايو تسعة وتسعين، أعطاه زُهاء خمس سنين أو ست سنين، لكن إذا رأى الرئيس الأمريكي أن ضرورات الأمن القومي الأمريكي تُملي تأجيل تنفيذ قرار نقل السفارة فله ذلك لستة أشهر، وكل ستة أشهر لابد أن يُوقِّع، ظلوا بعد ذلك تقريباً لست فترات رئاسية – كلينتون Clinton قضى فترتين، بوش الابن Bush the son أو الصغير قضى فترتين، وأوباما Obama قضى فترتين – يُوجِّلون، يُؤجِّلون كل ستة أشهر! هذه الخلفية القانونية العالمية أو الكونية لقضية القدس العادلة، وهي من أعدل القضايا إن لم تكن أعدلها على الإطلاق قي العصر الحديث. كل الذين كانوا مُغتصَبين ومُحتَلين قد تحرَّروا، إلا الشعب الفلسطيني، وإلا مُقدَّسات وتراب الشعب الفلسطيني، وهي – بعون الله تبارك وتعالى – تنتظر تحريرها في أقرب الآجال كما يُقال، لكن – انتبهوا – هناك المنطق الذي الآن بدأنا نسمعه من بعض المشايخ ومن بعض المُتحدِّثين، المنطق الإلهائي أو التخديري! أن القدس مُحرَّرة مُحرَّرة ولا تفعلوا شيئاً، أُقسِم بالله قالوا هكذا، قالوا لا تفعلوا شيئاً! ما هذا؟ مَن الذي يطلب؟ مَن الذي يقترح منهم مثل هذا المنطق؟ وبالمُناسَبة الأمة ليست بتلك الدرجة من الغباء أبداً، خاصة في مثل هذه القضايا، هل تعرفون لماذا؟ هذه القضايا غير قابلة ليس للتصرف فقط بلُغة القانون الدولي وإنما غير قابلة للتزوير أيضاً، وغير قابلة للتزييف، أنت يُمكِن أن تُزيِّف وعيي، لكن لا يُمكِن أن تُزيِّف انفعالاتي، أنا أشعر بالألم، أنت تقول لي لا، ما شاء الله مظهرك، وجهك، وحمار وجهك يُؤكِّد أنك لا تشعر، هذا كلام فارغ، أتُريد أن تُزيِّف وعيي؟ لأنني أشعر بالألم لا تستطيع أن تُزيِّف شعوري به. الأمة مألومة، الأمة تشعر بالذل، وبالمُناسَبة قضية القدس بالذات هي رمز، هي الرمز الأكبر للقضية الفلسطينية، والنضال الفلسطيني وقضية فلسطين رمز لنضال العرب والمُسلِمين، إذا ضيَّعتم هذا الرمز وإذا ضيَّعنا قضية القدس – أنا أقول لكم بعزة الله مرة أُخرى – فلن يسأل مُسلِم في مُسلِم ولن يسأل عربي بعربي، أتظنون أننا إذا ضيَّعنا القدس غداً أو بعد غد فسنسأل عن ضياع أي عاصمة عربية أُخرى؟ لن يسأل أحد، أي عربي لن يسأل، جارك حتى – جارك المُلاصِق لك والمُتاخِم لك حدودياً – لن يسأل عن ضياع عاصمتك، وربما يكون هذا هو المُخطَّط الأكبر بالمُناسَبة، هذا المُخطَّط الأكبر على طريق إسرائيل الكُبرى التي لا يُنكِرون أنها هدفهم، وعندهم خرائط، واقروا وراجعوا، اتركوا الإعلام المُضلِّل، العربي بالذات، لا! هذه حقائق فاقعة وصادمة، وطبعاً هذا المعيار، هم ضيَّعوا القدس فهل سوف يسألون في المدينة الفلانية أو العلانية التي ليست أولى القبلتين لنا – أبداً لم تكن قبلة لنا – ولا ثالث الحرمين الشريفين؟ سيكون ضياع القدس مُقدِّمة لضياع كل شيئ، وهذا معنى رمزية الصراع على القدس، القضية العادلة! في سبتمبر ألف وتسعمائة وواحد وسبعين صدر قرار عن مجلس الأمن هذه المرة يُطالِب إسرائيل ويُعلِن إسرائيل ويُعلِمها أن كل إجراءتها مرة أخرى الدستورية والتشريعية والإدارية التي تعمل على تغيير وضع المدينة القانوني باطلة ولاغية، ولم تفعل إسرائيل شيئاً، أنتم قرِّروا، العرب لا يفعلون شيئاً، إذن نحن سنُواصِل، ولذلك – لا أدري قلت هذا أم لا، لا أذكر هذا – من السبعة وستين إلى اللحظة تغوَّلت إسرائيل ثُلث أراضي القدس الشرقية، سرقتها أيضاً، هي احتلتها والآن تسرقها، ثُلث أراضي القدس الشرقية! هناك مُستوطَنات وطرد سكان ومُصادَرة أراضي، شيئ فظيع يا إخواني! في ألفين وخمسة عشر كم بلغ عدد المُستوطِنين (المُغتصِبين)! والمُستوطَنات هي ماذا؟ مُغتصَبات، يا ليت نُسمي الأشياء بأسمائها! مُستوطَنة كلمة لطيفة بعض الشيئ، ليست مُستوطَنة وإنما مُغتصَبة، لأنها على أراضي مُحتَلة، مَن الذي يقول إنها مُغتصَبة ومُحتَلة؟ القانون الدولي، الأمم المُتحِدة، مجلس الأمن، والاتحاد الأوروبي، كل العالم يقول هذا! وبالمُناسَبة على هذه الخلفية دول الاتحاد الأوروبي – وحتى المملكة المُتحِدة، أي الــ UK – عارضت هذا، وكندا طبعاً وفرنسا وغيرهما، الكل عارض هذا، هذه قضية… لا أعرف ماذا نقول يا إخواني، لكن هذا ترامب Trump، هذا ترامب Trump! يبدو أن ترامب Trump استخف إلى أبعد حد بالعرب وبالمُسلِمين، مسكين هو، مسكين! بالعكس هو زرع الآن ليس لُغماً واحداً بل ألغاماً كثيرة لا يدري إلا الله ستنفجر في مَن وكيف ومتى، هو يزيد عددها، ثم يتساءلون بعد ذلك، يتساءلون لماذا يكره العرب أو المُسلِمون أمريكا؟ نحن نكره هذه السياسات، لا نكره أمريكا كدولة وحضارة، بالعكس! ولا نكره الشعب الأمريكي، نكره هذه السياسات الوقحة والمُجرِمة والمُتلعثِمة، لا تسير على خُطة العدل! حتى ترامب Trump – تابعتم خطابه – كان مُتلعثِماً، لأول مرة يتكلَّم بمثل هذه اللعثمة، التعليقات بالمئات عليه، حتى أنه حين ختم وبارك إسرائيل وبارك تقريباً الفلسطينيين تلعثم وبارك (United Shtatesh)، قالها (Shtatesh)، لم يقل States، تلعثم! قالوا غير معقول، ما الذي يحصل؟ الرجل كان إعلامياً أصلاً، كان يُقدِّم برامج لسنوات طويلة، كيف أصبحت (Shtatesh)؟ الرجل كان مُتلعثِماً جداً، طبعاً سر هذه اللعثمة أنه يعلم أنه ينتهك كل المُحرَّمات، يتجاوز ويدوس ببسطاره وبحذائه على كل القوانين، ويبصق في وجه المُجتمَع الدولي كله، يعلم هذا! ولذلك المُجتمَع الدولي – وهذا يُشكَر له – قابله هذه المرة بقسوة، وجعله Isolated، أي معزولاً، عزله وعزل قراره. لكن أنا سؤالي الآن ليس عن المُجتمَع الدولي، سؤالي عن المُجتمَع العربي، ماذا سيفعل العرب؟ ما هي الخُطوات العملية؟ كما قلنا الشعوب عندها قدرة أن تُقدِّم أي شيئ، لكن أنتم يا قادة ويا زعماء ماذا ستفعلون؟ نُريد إجراءات مُحدَّدة، نُريد إجراءات اقتصادية ودبلوماسية واضحة، ولا نُريد منكم أن تذهبوا إلى النهاية، ربما لا تستطيعون، هناك حسابات كثيرة، لكن افعلوا شيئاً واضحاً، على الأقل يُطمئن شعوبكم، أنكم تشعرون ببعض ما تشعر ببعض هذه الشعوب من الألم، من الذل، من الخزي، ومن الوجع، الوجع القومي! يُوجَد وجع، نحن موجوعون، مرة أُخرى المشاعر لا يُمكِن أن تُزيَّف، لا يُمكِن أن تُزيِّف على إنسان مشاعره. ولذلك زوِّروا ما شئتم، أقول للكل بما فيهم هؤلاء المُغتصِبين الصهاينة زوِّروا التاريخ إن شئتم – وقد زوَّروه -، زوِّروا الجغرافيا، اكذبوا على الوقائع، واكذبوا على الواقع، لن تستطيعوا أن تُزوِّروا مشاعر الناس وانفعالات الناس، لديكم حول العالم زُهاء مليار وثمانمائة مليون مُسلِم، قلوبهم من عند آخرهم مُعلَّقة بأقصاهم ومُعلَّقة بمقدسهم، قلوب مليار وثمانمائة مليون مُسلِم! لديكم حول العالم زُهاء اثنين مليار من المسيحيين، قلوبهم مُعلَّقة أيضاً بقيامتهم وبقدسهم، حقهم! هذا حقهم، من أجل ماذا؟ في سبيل ماذا؟ وأي منطق يقضي بأن أُغضِب اثنين مليار مسيحي حول العالم وزُهاء اثنين مليار مُسلِم؟ لكي أُرضي حفنة من المُحتَلين المُغتصِبين، الذين يصفهم القانون الدولي بأنهم مُحتَلون ومُغتصَبون، ووجودهم ليس له أدنى شرعية ولا ذرة من شرعية في القدس، لا الشرقية ولا الغربية، حتى التي فيها مبنى الكنيست Knesset مُغتصَبة، اغتصبوها – كما قلت لكم – في الثمانية وأربعين، هذا مُهِم أن تسمعوه، لأنني سمعت للأسف بعض (الفلسطينيين) مِمَن يدّعي الفهلوة الإعلامية – يدّعي أنه فاهم وشاطر ويُطمئننا، وهذا أحد الذين قالوا لنا اجلسوا ولا تفعلوا شيئاً، هل القدس ستتحرَّر ما شاء الله بمثل منطقك؟ – وهو يُهوَّن جداً من قضية القدس الغربية، بل يجعلها ورقة بيده لكي لا نقلق على القدس الشرقية، أي لماذا أنتم تُكبِّرون الأمر؟ ها هي القدس الغربية، فيها الكنيست Knesset، فيها المُتحَف الإسرائيلي، فيها لفائف التوراة ومخطوطات البحر الميت، وفيها كل شيئ! ما هذا؟ كم دفعوا! لماذا؟ هل يُمكِن أن تفعل الأموال أو النقود هذا في الناس؟ هل يُمكِن أن يتعايش أحد بهذه الطريقة؟ لكن مرة أُخرى – كما قلت – لكل مُجتمَع إفرازاته، هذه مُخرَجات، وهذه إفرازات. وكما أقول دائماً يا إخواني أي دور مهما بلغ من الإجرام والخسة والنذالة والوقاحة والقباحة والشناعة والبشاعة ستجدون مَن يلعبه، أي دور! أليس كذلك؟ ألسنا نعيش في هذا العالم؟ نحن لسنا سكان السماوات العُلا، نحن سكان هذا الصفيح الأرضي الواطئ، في هذا الصفيح هناك القتلة، هناك المُغتصِبون، هناك المُتحرِّشون، هناك الخونة، هناك مَن يقتل أباه، هناك مَن يأتي ابنته، وهناك مَن يبيع أوطانه، هذا العالم! ولذلك لا تعجبوا أن يكون في العرب وفي المُسلِمين مَن يلعب أدوار الخسة والقباحة هذه، موجودون! لكن ملعونون، ملعونون عند الله، ملعونون في ذمة التاريخ، ملعونون في قلوبنا وعلى ألسنتنا، وملعونون عند شرفاء الأمة الذي هم الأمة، الأمة شريفة بجسمها وبكلها – بفضل الله تبارك وتعالى – ما عدا هذه المُخرَجات والإفرازات النتنة النجسة، أراح الله منهم، أعلنوا البراءة والعنوهم على كل لسان، ليعلموا أنهم ملعونون، وإن ادّعوا أنهم أصحاب فكر وأصحاب قلم وأصاحب مقام ومقال، ليسوا كذلك، ليسوا إلا إفرازات نجسة، لا كثَّر الله في الأمة من أمثالها، الأمة تنتظر لحظتها بإذن الله تبارك وتعالى. بالمُناسَبة هذه المُعادَلة صاغها المُغتصِب الصهيوني، لم نصغها نحن، أُعيد التذكير بها، هم قالوا لنا – علماً بأن هذا لم يحدث مرة وإنما حدث ألف مليون مرة – نحن نتصرَّف وفق هذا المنطق، نحن نُفرِغ ونصدر عن هذا المنطق، إما أن كل شيئ لنا ولا شيئ لكم وإما أن تنتزعوا منا كل شيئ، مُعادَلة صفرية! نحن نربح وأنتم تخسرون، نحن نُوجَد وأنتم تُعدَمون، وكانوا يقولون – يُمنون أنفسهم، خاصة في جيل جولدا مائير Golda Meir وموشيه دايان Moshe Dayan وبن غوريون Ben-Gurion – الكبار يموتون والصغار ينسون، الكبار لم يموتوا، نضالهم وجهادهم، شموسهم وإباؤهم، وطنيتهم وشرفهم، ودماؤهم ودموعهم وعرقهم يعيش فينا، وينبض فينا بإذن الله وبحول الله وبفضل الله، والصغار أنتم رأيتم حالهم، والله صغارك يا فلسطين في هذه الأجيال الأخيرة أشجع وأقوى وأمجد من كبار كبار فلسطين قبل عقود بفضل الله تبارك وتعالى، الصهاينة يرون هذا، إن كنتم لا ترونه فأنتم عمي وحاشاكم، لأن الكل يرى هذا، هذا الفلسطيني الصغير الذي لا يخاف لا من أباتشي Apache ولا من دبابة ولا من مُعتقَل، لا يخاف من شيئ، لأنه مُؤمِن بالله أولاً ثم مُؤمِن بقضيته حتى النهاية وإلى ما لا نهاية، حتى تتحرَّر هذه الأرض، ويرفع شبل – كما قال الشهيد أبو عمّار – من أشبالنا أو زهرة من زهراتنا علم فلسطين عالياً خفّاقاً فوق رُبى القدس الشريف بإذن الله تبارك وتعالى، قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا ۩. هذا كان قرار مجلس الأمن، قرار الكونجرس Congress في أكتوبر خمسة وتسعين أعقبه مُباشَرةً قرار آخر صدر عن مجلس هذه المرة 50/22 (ألف، باء) في ديسمبر ألف وتسعمائة وخمسة وتسعين، أي بعد شهرين تقريباً، وقال كل هذه الإجراءات إن حدثت فهي لاغية، وشجب نقل السفارات، وأي دولة تنقل سفاراتها – الولايات المُتحِدة أو غير الولايات المُتحِدة – إنما تقوم بفعل مُجرَّم وخاطئ، مجلس الأمن قال هذا، مجلس الأمن فعل هذا، لا يجوز! لا يجوز يا إخواني. على كل حال أختم بكلمة واحدة، لابد أن نكون مع هذه القضية لكن ليس فقط لأننا عرب، قد لا يكون بعضنا عربياً، مع أن أنصارها من غير العرب أكثر بكثير من أنصارها من العرب، أنصارها هم المُسلِمون عموماً والمسيحيون الشرفاء، وبالمُناسَبة المسيحيون – وبخاصة مسيحيو الشرق من عند آخرهم – غاضبون جداً، مفجوعون، وحزانى، لأول مرة – لأول مرة في عصرنا المعيش هذا – لا تُضاء شجرة عيد الميلاد – أي شجرة الكريسماس Christmas – في القدس، في القدس المُقدَّسة، في القدس الأبية! لم يُضئها المسيحيون، قالوا لا، لأننا مفجوعون، غصبونا على أماكننا المُقدَّسة، هذه حقنا، ليست حق المُغتصِبين، لم يُضيئوها، غضبانون! إخواننا المسيحيون الكلدانيون في العراق عبَّروا عن إبائهم وغضبهم ورفضهم، البابا تواضروس الثاني – حياه الله – في مصر من بعد شيخ الأزهر – زاده الله رفعة وعِزة – أعربا عن غضبهما الشديد، ليس التبرم وإنما الغضب الشديد، حتى أنهما أعلنا لا يُشرِّفهما وليسا راغبين في لقاء نائب الرئيس الأمريكي الذي يأتي إلى المنطقة في هذه الأيام، قالا لا، كما فعلت السُلطة الفلسطينية أيضاً مُمثَّلة في رئيسها وفي آخرين، هذا موقف مُشرِّف، لا نُريد أن نُقابِلك، لأنك كافأت دولة الاحتلال التي غصبت الأرض وشرَّدت العباد وخرقت كل المواثيق وكل القوانين الدولية، كافأتها بأن شرعنت احتلالها، قلت لها كل السواد – سواد الاحتلال – مُبيَّض الآن، وهو شرعي، ويا حيهلاً، سنُكافئكِ بأن نعترف بما سرقتِ من هذه الأرض المُقدَّسة عاصمةً أبديةً مُوحَّدةً لكِ، الله أكبر! الله أكبر على الظلم يا أخي، الله أكبر على الظلم، لكن أنتم تُخاطِبون تاجراً اسمه ترامب Trump، تاجر لا علاقة له بقانون دولي ولا بقانون غير دولي ولا بعدالة ولا بحس إنساني، مُجرَّد تاجر يُريد الأموال. بالمُناسَبة قيادات المُجتمَع اليهودي في أمريكا – وبالذات نيويورك – بشكل عام كما على ذمة هاآرتس Haaretz – الصحيفة اليسارية الإسرئيلية – مُتبرِّمة جداً من قرار ترامب Trump، وقالت ما حمله على هذا القرار الخاطئ إلا مصالح سياسية داخلية له، لأنه مُهدَّد! مُهدَّد بجريمة حتى خيانة عُظمى، تعاون مع الروس لكي يصل إلى السُلطة، وقد يُؤخَذ من سُدة الحُكم ويُوضَع في غيابات السجون ويُحاكَم، فأراد أن يُقدِّم القدس قُرباناً لكي يرضوا عنه، نائبه مُوافِق معه، سفيرته في الأمم المُتحِدة، وسفيره في إسرائيل مُوافِق، لكن وزير الدفاع مُعارِض له، وزير الخارجية مُعارِض له، ومُدير السي آي إيه CIA – وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية – مُعارِض له، مُعارِض للقرار! هذا في داخل أمريكا نفسها، وبعد ذلك يأتيك بعض العُربان أو بعض العرب ليُوافِق على القرار بطريقة أو بأُخرى، أين ذهبنا؟ أين وصلنا؟ وكيف تدلينا؟ اللهم غوثك، اللهم غوثك، اللهم نصرك، واللهم بلُطفك بهذه الأمة. وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. الخطبة الثانية الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديدٌ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صَلَىَ الله – تعالى – عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيراً. اللهم اهدنا فيمَن هديت، وعافنا فيمَن عافيت، وتولنا فيمَن توليت، اغفر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا وما أسررنا وما أعلنا. اللهم احفظ علينا مُقدَّساتنا ورد علينا مُغتصَباتنا، اللهم وحِّد شمل هذه الأمة، اللهم جمِّع صفوفها، وقوِّ قلوبها، واجمعها على كلمة الحق والخير والهُدى والعدل برحمتك يا أرحم الراحمين، وجنِّبها الفتن ما ظهر منها وما بطن. عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩، وأقِم الصلاة. (انتهت الخُطبة بحمد الله) فيينا (15/12/2017)
لتتمة المقال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق