قراءة نقدية لمسطرة تعديل النظام الأساسي لحزب العدالة والتنمية
بقلم: محمد بلمعلم
إن أول ما يجب المطالبة بتعديله في النظام الأساسي لحزب العدالة والتنمية المغربي هو مسطرة إحالة ووصول مقترحات ومشاريع تعديل النظام الأساسي للمؤتمر الوطني المختص قانونا بالمصادقة عليها.
إن المسطرة بالشكل التي هي عليه الآن، لا تسمح بوصول اي مشروع تعديل للنظام الأساسي الى المؤتمر الوطني للحزب الا إذا اعتمده المجلس الوطني وصادق على ادراجه في جدول اعمال المؤتمر الوطني، وفق المسطرة الحالية هناك احتمال كبير أن لا ترفع الا مشاريع التعديلات التي لا تثير خلافا حقيقيا، وأن المصادقة عليها في المؤتمر الوطني ستتم بسهولة ويسر.
مسطرة إحالة مشاريع تعديل النظام الأساسي في حزب العدالة والتنمية مسطرة شاقة ووعرة، فلوصول مشروع تعديل امام المؤتمر الوطني يجب ان يتجاوز مجموعة من العوائق والعقبات المسطرية:
أولها: ان الذي يحق له بموجب المادة 100 من النظام الداخلي للحزب اقتراح تعديل على النظام الأساسي والداخلي هم فقط : الأمانة العامة باقتراح من الإدارة العامة؛ مكتب المجلس الوطني؛ عضو المجلس الوطني؛ ولم تذكر المادة المشار اليها المؤتمر الوطني او نسبة مهمة من أعضاء المؤتمر الوطني.
ثانيها: ان يقرر مكتب المجلس الوطني إحالة المقترح الى لجنة الأنظمة والمساطر، وقد لا يقرر، وذلك بموجب الفقرة الأخيرة من المادة 89 من اللائحة الداخلية للمجلس، وهنا تجدر الإشارة ان هاته المادة وقع فيها خطأ، حيث تنص على ان "يحيل مكتب المجلس المشاريع المقدمة على لجنة الأنظمة والمساطر"، وواقع الحال انها ليست مشاريع بل مجرد مقترحات، لم تصل بعد الى مرحلة ان تسمى مشروعا، فهاته هي أيضا من الأمور التي يجب تصحيحها في المادة 89 من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني.
ثالثها: ان بعد وصول المقترح الى لجنة الأنظمة والمساطر، تتم مناقشته والتصويت داخل اللجنة على مسألة هل سيرفع المقترح الى المجلس الوطني ليصادق عليه ام لن يرفع، وبالتالي قد يتم اقبار المقترح في لجنة الأنظمة والمساطر، وذلك بموجب الفقرة الأخيرة من المادة 89 من اللائحة الداخلية للمجلس، والمادة 90 من نفس اللائحة التي تنص على ان المصادقة على المقترحات المقدمة تتم بأغلبية المصوتين، وهنا اقترح وجوب دمج هاته الجملة مع المادة 89، حتى لا يثور اللبس والتساؤل هل المادة تتحدث هنا عن مسطرة المصادقة على المقترحات من قبل لجنة الأنظمة والمساطر ام المجلس الوطني.
رابعها: ان بعد مصادقة لجنة الأنظمة والمساطر على مقترح تعديل النظام الأساسي بأغلبية المصوتين، يتولى رئيس اللجنة رفع المقترح إلى المجلس الوطني، وذلك بموجب الفقرة الأخيرة من المادة 89 من اللائحة الداخلية للمجلس، التي تنص على ان المقترح يرفع مباشرة الى المجلس الوطني وليس الى مكتب المجلس الذي هو من أحال المقترح في بداية الأمر. وهنا تأتي المادة 100 من النظام الداخلي للحزب، التي تنص: "يعتمد المجلس الوطني مقترح تعديل النظام الأساسي..."، وبطبيعة الحال من حق المجلس الوطني أيضا ان لا يعتمد مقترح تعديل النظام الأساسي، و أن لا يقدم بالتالي مشروعا بهذا التعديل الى المؤتمر الوطني، وما لم تذكره المادة 90 من اللائحة، ولا حاجة لذكره، ان هذا الإعتماد او اللاعتماد يتم بأغلبية المصوتين في المجلس الوطني.
خامسها: انه إذا كُتب للمقترح ان يعتمد من قبل المجلس الوطني وان يصير اسمه مشروع تعديل، ونقطة ضمن جدول اعمال المؤتمر الوطني، تأتي هنا المادة 27 من النظام الأساسي للحزب لتنص على أن : المجلس الوطني هو أعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر الوطني وتتحدد صلاحياته فيما يأتي: .... المصادقة على جداول أعمال الدورات العادية للمؤتمر الوطني...؛ بما يعطي للمجلس الوطني صلاحية عرقلة المشروع من جديد باعتباره نقطة مدرجة في جدول اعمال المؤتمر الوطني، وتعطي للمجلس الوطني حق المصادقة والتصويت على جدول اعمال المؤتمر، وعند الإقتضاء عدم مرور مشروع التعديل الى المؤتمر الوطني. خاصة وان مسطرة المصادقة والتصويت قد لا تتم بطرح السؤال على أعضاء المجلس الوطني هل ستدرج هاته النقطة في جدول اعمال المؤتمر ام لن تدرج، بل السؤال المطروح قد يكون مصاغا على نحو هل انت متفق مع مضمون هذا المشروع ام لست متفق، بما قد يسفر عن نقاش طويل جدا قد يصل في بعض الحالات إلى ثمان 8 ساعات، وأعتقد ان نص المادة 100 من النظام الداخلي للحزب تخول للمجلس الوطني مثل هذا النقاش باعتبار انها تعطيه صلاحية اعتماد مقترحات التعديلات المرفوعة من قبل لجنة الأنظمة والمساطر، او عدم اعتمادها، وهو ما أكده مكتب المجلس الوطني في قراره الصادر بتاريخ 7 دجنبر 2017، للنظر في مسألة تفسير مقتضيات المادتين 89 و 90 من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني التي تشرح المادة 100 من النظام الداخلي للحزب، حيث قضى بأن اعتماد "مشروع النظام الأساسي" من قبل المجلس الوطني وفق ما تنص عليه المادة: 90 من اللائحة الداخلية يعني المصادقة عليه بأغلبية المصوتين، وأن ما صوت عليه بالإيجاب هو الذي يصبح مشروعا معتمدا يدرج في جدول أعمال المؤتمر الوطني ويرفع إليه من أجل المصادقة . فالذي يجب المطالبة به الآن هو ان تلغى صلاحية الإعتماد من عدمه، وان تحصر صلاحية المجلس الوطني في المصادقة على جدول اعمال المؤتمر الوطني اجمالا، بحيث يكون السؤال المطروح على اعضاء المجلس هل أنتم مع ادراج هاته النقطة في جدول اعمال المؤتمر ام ضد ادراجها، لأن نتيجة التصويت ستكون مختلفة إذا ما طُرح السؤال بصيغة من مع مضمون مشروع التعديل المقترح ومن ضده.
خلاصة القول أن الذي يجب إعادة صياغته وتنظيمه، وتوضيحه، بل تقديم مقترحات ومشاريع تعديله، هو هاته المسطرة الوعرة الشائكة في وجه أي مقترح او مشروع تعديل للنظام الأساسي، بما لا يسمح للمؤتمر الوطني ان يمارس اختصاصه الا ناذرا، ومما اقترحه هو التقدم بطلب لتعديل المادة 100 من النظام الداخلي يسمح لنسبة ونصاب كبيرين نوعا ما من المؤتمرين بالحق في التقدم بمشروع تعديل للنظام الأساسي الى رئيس المؤتمر، يعرض على المؤتمرين للمصادقة عليه او عدم المصادقة، وان يتم النظر ومراجعة ما يتم عليه العمل بخصوص هذا الموضوع في الأنظمة الأساسية للجمعيات والشركات التجارية، فقد تكون نموذج يقتدى به في ما يخص المسطرة التي تتبع في تقديم مشاريع تعديل الأنظمة الأساسية الى الجمعية العامة غير العادية، كما يمكن الرجوع في هذا الصدد الى الأنظمة الأساسية للأحزاب العالمية الأخرى، المشهود لها بالديموقراطية الداخلية.
*باحث في القانون الخاص بجامعة السوربون، باريس 1.
المرجع:
محمد بلمعلم،” قراءة نقدية لمسطرة تعديل النظام الأساسي لحزب العدالة والتنمية“، هيسبريس، 9 دجنبر 2017.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق